الفائزون بكأس العالم تحت 20 سنة مغاربة، وبائع هاته “الفوفوزيلا” مغربي، والطفلة التي اقتنتها مغربية كذلك – سلطة الرياضة أكبر مما يتخيل البعض!
الفائزون بكأس العالم تحت 20 سنة مغاربة، وبائع هاته “الفوفوزيلا” مغربي، والطفلة التي اقتنتها مغربية كذلك – سلطة الرياضة أكبر مما يتخيل البعض!

بقلم: بشرى شاكر / مديرة النشر Ati Mag
بالأمس، وبالصدفة البحتة، وأنا أتحقق من الصور والفيديوهات التي التقطها فريقنا Ati Sport احتفالاً بالاستقبال التاريخي لمنتخبنا المغربي لأقل من 20 سنة، الذي فاز بامتياز بكأس العالم لهاته الفئة في سانتياغو بالشيلي، وهو المنتخب الذي نجح في انظار العالم بأدائه المتميز، وأخلاقياته في اللعب، وروحه القتالية، عثرتُ على هاتين الصورتين: الأولى لرجل في منتصف العمر، فخور ببلده وإنجاز بلده، يلتحف بالعلم الوطني وينتظر وصول “أشبال الأطلس”، ويستغل الفرصة في الوقت ذاته لتأمين قوت يومه، والصورة الثانية لطفلة طلبت منه “فوفوزيلا” لتشجيع أبطالنا المغاربة عندما يمرون أمامها وأمام والدتها التي جاءت مرافقة لها بكل فخر.
هؤلاء المغاربة، هم من يرغب البعض في سلبهم الفرحة ومنعهم من كسب قوتهم… هؤلاء الذين يقومون بهذا الفعل، إما أنهم لا يعلمون أن الرياضة هي نوع من “القوة الناعمة ” (Soft Power) ، قوة هادئة لديها أحيانًا تأثير أكبر من السياسة والقوة العسكرية، خاصة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، أو أنهم يعلمون ذلك ويدركون التداعيات السلبية التي قد تنتج عن دعوتهم لمقاطعة كأس الأمم الأفريقية، وكأس العالم، والملاعب المغربية، لكنهم يتسترون وراء شعارات زائفة أو أجندات خارجية لا تهدف إلى الإصلاح، بل إلى ضرب الاستقرار الوطني من خلال استهداف اقتصاده ونشر الفقر والفاقة والبؤس.
تنظيم كأس الأمم الأفريقية (CAN) 2025، الذي تدعون إلى مقاطعته، ليس مجرد حدث رياضي كبير بالنسبة للمغرب، ولكنه أكثر أهمية بالنظر إلى عوائده التي تتجاوز بكثير الإطار الرياضي.
هاته “الكان 2025″، التي ستكون أيضًا بمثابة اختبار حقيقي لكأس العالم 2030 (التي ستُنظم بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال)، هي محفز قوي لعدة قطاعات:
قعلى مستوى البنية التحتية، ناك تحديث للملاعب باستثمار ضخم (يُقدر بأكثر من 20 مليار درهم) خُصص لتجديد وتحديث المنشآت الرياضية (الدار البيضاء، الرباط، مراكش، أكادير، فاس، طنجة، إلخ) لجعلها مطابقة لمعايير الكاف والفيفا وهي بالتالي تخلق إرثًا من البنية التحتية عالمية المستوى.
وعلى مستوى النقل واللوجستيك:، تُسرّع المنافسة تحديث المطارات، وتوسيع شبكة القطار فائق السرعة (TGV)، وتحسين الطرق، مما يعزز التنافسية الاقتصادية والتنقل الداخلي.
على مستوى الفندقة، يجري حاليا العمل على بناء وتجديد الفنادق الفخمة وأماكن الإقامة المتنوعة لاستقبال الـ 24 منتخبًا، والمسؤولين عنها، وعشرات الآلاف من المشجعين المتوقعين، وبالتالي من المرتقب تحقيق عائد مالي كبير جدًا لقطاع الفندقة في المغرب، وبشكل أوسع للسياحة، من خلال “الكان 2025” (التي ستُقام في الفترة من 21 ديسمبر 2025 إلى 18 يناير 2026).
وتتراوح الإيرادات السياحية الإضافية المتوقعة في فترة “الكان” بين 5 و12 مليار درهم من الإيرادات الإضافية.
ويتوقع المغرب كتدفق للسياح، وصول 150 ألف إلى 200 ألف سائح سيأتون خصيصًا للمنافسة، بالإضافة إلى التدفقات المعتادة لفترة أعياد نهاية العام، والتي تُعد تقليديًا فترة مربحة.
هاته العائدات المالية لن تكون دون تأثير على قطاع التشغيل (بالنسبة للأشخاص أنفسهم الذين يدّعون اهتمامهم بهذا القطاع ويدعون إلى المقاطعة)، فاعلموا أن الآلاف من فرص العمل (المؤقتة والدائمة) تتولد عن طريق ورش البناء، وتنظيم هذا الحدث، والخدمات السياحية.
دون أن ننسى الرؤية والجاذبية المرتبطتين بتنظيم هذا الحدث الرياضي البارز، حيث يوفر الحدث واجهة إعلامية عالمية للمغرب، ويزيد من جاذبيته السياحية وصورته لدى المستثمرين الأجانب.
على الصعيد الجيوسياسي، سبق أن أشرنا إلى أن الجانب المتعلق بـ “القوة الناعمة” لمثل هذه الأحداث لا يمكن إغفاله، وقد لاحظتموه بالتأكيد في موقف العديد من الدول تجاهنا وتجاه ملفنا الوطني. نعم، إن “الكان” أو كأس العالم أو أي حدث رياضي كبير سيُنظم في المغرب هو نوع من الدبلوماسية الرياضية، لأن التنظيم يعزز دور المغرب كجسر بين أفريقيا وأوروبا ويثبت قدرته على إدارة الأحداث القارية الكبرى.
دون أن ننسى الإشعاع الأفريقي، فمن خلال إنجاح هذه “الكان”، يؤكد المغرب أكثر قيادته والتزامه تجاه تنمية الرياضة الأفريقية.
إذا كان من الصعب عليكم فهم كل هذا وكل هذا العائد الهائل المنتظر، أعيدوا النظر في الصورتين اللتين التقطهما فريقنا وفكروا في إخوتكم، أخواتكم، آبائكم، أمهاتكم وعائلاتكم، أو ببساطة أصدقائكم الذين يمكنهم الاستفادة من هاته المهن العرضية التي يولدها التدفق الهائل للسياح والوفود والإعلاميين.
ومن بين فرص العمل العرضية هاته نجد على سبيل المثال، موظفو الخدمة الإضافيون للفنادق، والمطارات، والمطاعم، والمقاهي وغيرها، مثل النُدُل، والسقاة، وعمال المطبخ، ورؤساء الأقسام (لإدارة قوائم الطعام الخاصة بالوفود)، وحاملو الأمتعة، وخدم الاستقبال المؤقتون، وموظفو الاستقبال (غالبًا ثنائي أو متعدد اللغات).
وفي مجال الصيانة واللوجستيك، ستتوفر وظائف أيضًا لخادمات الغرف، وعمال النظافة، وعمال المناولة لإدارة مخزون الأغذية والمشروبات.
وبالتأكيد ستكون هناك وظائف مرتبطة بالتنظيم الحدثي والملاعب، وهي وظائف مرتبطة مباشرة بإدارة المباريات ومواقع المنافسات، مثل: موظفو الأمن والسلامة (أمن أمن للملاعب، ومناطق التدريب، وفنادق الفرق، ومناطق المشجعين).
في مجال الضيافة وبيع التذاكر ستكون الحاجة لمضيفين ومضيفات استقبال في الصالات، ومداخل الملاعب، وعملاء لبيع التذاكر ومراقبة الوصول
في المجال التقني للملعب، ستكون هناك فرص لتوظيف فنيين في الصوت والضوء، ومثبِّتي معدات الاتصالات المؤقتة، وشاشات عملاقة، شبكات الانترنيت
وحتى على المستوى الإعلامي، وقد أتيحت لنا الفرصة لاكتشاف ذلك، حيث اضطررنا لتوظيف أشخاص آخرين في وكالتنا الإعلامية في هذه الأحداث الأخيرة، ستشمل المناصب المتاحة على سبيل المثال: مساعدي الصحافة، وعملاء الاتصال مع وسائل الإعلام الأجنبية (غالبًا ما يتطلب إتقان الإنجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية أو العربية او عدة لغات).
على مستوى النقل واللوجستيك، يخلق تنظيم تنقلات الفرق والمسؤولين والمشجعين احتياجات محددة وستكون فرصة لتوظيف: سائقي الحافلات ومركبات النقل المكوكية للوفود، وسعاة ومنسقي لوجستيين للمعدات (الإعلامية، الرياضية، إلخ)، وستكون هناك فرص عمل لموظفي المطارات، كعملاء استقبال وتوجيه في مطارات المدن المضيفة، وموظفي مساعدة في إجراءات التأشيرة (التأشيرة الإلكترونية، بطاقة المشجع).
ناهيك عن الموظفين الذين سيتم توظيفهم للأنشطة المتعلقة بـ التوجيه، لضمان إعلام وتوجيه المشجعين في المدن، ومحطات القطار، والملاعب والمناطق السياحية، وتسهيل الاعتمادات، والمساعدة في إصدار بطاقات الاعتماد للمسؤولين والإعلاميين، وكل ما يتعلق بـ المساعدة العامة لدعم العمليات وتنسيق الأحداث.
على المستوى التجاري، يمكن أن تتولد آلاف الفرص بفضل زيادة التدفق السياحي الذي يحفز النشاط في مهن متنوعة.
على سبيل المثال، ستكون هناك حاجة كبيرة لأدلاء محليين متعددي اللغات، وستكون هناك فرص لموظفي مبيعات إضافيين في متاجر الهدايا التذكارية، والمراكز التجارية، والأسواق.
في قطاع الصناعة التقليدية والترويج الثقافي، سنحتاج إلى المزيد من الحرفيين وبائعي المنتجات المحلية لبرامج الترويج للصناعة التقليدية المرتبطة بـ “الكان”، حتى أصغرهم يمكنهم توسيع تجارتهم والاستفادة من هذه الفرص.
تهدف هاته الوظائف العرضية إلى ضمان سير الحدث بسلاسة وتمثل فرصًا قصيرة الأجل للشباب والأشخاص الباحثين عن خبرة مهنية في المدن المعنية.
ولكن إذا كان كل هذا بالنسبة لكم لا يعني شيئا، ففكروا في هؤلاء الأشخاص الذين سيعيلون عائلاتهم من هاته الفرص العديدة للمبيعات العرضية الصغيرة والتجارة غير الرسمية، التي تستهدف مباشرة الآلاف من المشجعين قبل، وأثناء (في المناطق المصرح بها) وبعد المباريات.
هاته “الأعمال الصغيرة” المؤقتة حول الملاعب المتعلقة بمستلزمات المشجعين والهدايا التذكارية، مثل الأعلام والأوشحة، ومواد المكياج والأزياء التنكرية، والهدايا التذكارية المحلية.
وفرص للمأكولات السريعة والمشروبات، مثل الوجبات الخفيفة والمشروبات (بيع المياه المعدنية، والمشروبات الغازية، والعصائر الطازجة، والكعك الصغير، ورقائق البطاطس والفواكه المجففة)، مأكولات الشارع المحلية (أكشاك صغيرة (مرخصة قانونيًا أو غير رسمية) تقدم تخصصات مغربية سريعة مثل السندويشات، والمسمن، والخبز المغربي المحشو، أو الكباب) وبيع المشروبات الساخنة للمشجعين المنتظرين، مثل الشاي بالنعناع التقليدي
ستكون هناك أيضًا أعمال صغيرة مرتبطة بـ الخدمات العملية، مثل:
مواقف السيارات والحراسة (خدمات حراسة عرضية للسيارات والدراجات النارية بالقرب من مناطق وقوف السيارات (غالبًا غير رسمية).
شحن الهواتف (أكشاك صغيرة أو أشخاص يقدمون خدمة شحن الهواتف المحمولة مقابل بضعة دراهم).
صور تذكارية (مصورون يقدمون طباعة صور فورية بخلفيات أو تمائم “الكان”).
مبيعات عبر الإنترنت عرضية (قبل/بعد المباراة) مثل إعادة بيع التذاكر، ومجموعات النقل التشاركي Covoiturage
تجدر الإشارة إلى أن بعض هاته الأنشطة غير رسمية وغير مصرح بها، ولكن من المهم ملاحظة أن أنشطة التجارة المتنقلة غالبًا ما تكون متساهلا معها في مثل هاته التظاهرات، بل ومنظمة من قبل السلطات المحلية في مناطق مخصصة (مناطق المشجعين).
إذا كنا قد اخذنا الوقت لإحصاء وحصر مجموع المزايا والأرباح لهاته التظاهرة القارية الكبرى، فليس من أجل الذين يدعون إلى مقاطعة “الكان” والملاعب بسوء نية، بل من أجل هذا الرجل وهاته الطفلة في هاتين الصورتين، من أجل هذا الشعب، من أجل جميع المغاربة الذين يحتاجون إلى التقدم، والتنمية، والأرباح، لا الخسائر.
