مقال رأي: مسار ووضعية عون السلطة في غياب إطار قانوني منظم لهاته الفئة

مقال رأي: مسار ووضعية عون السلطة في غياب إطار قانوني منظم لهاته الفئة

بقلم عبدالاله فراخ / مستشار جماعي بمقاطعة سيدي عثمان ـالدار البيضاء

Ati Mag

مند الوهلة الأولى التي يتم فيها تعيين عون السلطة من طرف السادة العمال، باقتراح من القائد أو الباشا أو ادماجه مباشرة من طرف قسم الشؤون الداخلية بالعمالة فإنه يتفاجأ براتب شهري هزيل لا يتعدى [1000,00] ألف درهم اضافة الى بعض التعويضات، لكن مع قساوة العيش و نسبة البطالة المرتفعة خصوصا في السنوات الاخيرة، يجد نفسه مضطرا لتوقيع قرار تعيينه لينتقل إلى عالم آخر لم يكن يعلم عنه شيئا …

عندما دخل صديقنا عالم أعوان السلطة، فإنه ودع شيئا اسمه الحرية ودخل حياة كلها عمل وتعب ليلا ونهارا، صيفا و شتاء، فأصبح مكلفا بتسليم الشواهد الإدارية للمواطنين ومراقبة السكان الجدد والأجانب ومراقبة كل حادث ممكن أن يقع داخل القطاع الذي أصبح مشرفا عليه كالحرائق والسرقات وحوادث السير والنظافة والانارة ومراقبة مخالفات التعمير وتنظيم الباعة الجائلين وتحرير الملك العام الجماعي والمتشردين والمجانين…

كل شيء حدث أو يحدث في “السيكتور” “الشادة والفادة” ، عليه أن يخبر بها سواء باليل أو النهار وطيلة أيام الأسبوع بما فيها يومي السبت والأحد، الى درجة أنه ينسى شيئا اسمه “الويكاند” وعطلة الأعياد .

وكل هاته المهام التي يجب أن يقوم بها على متن دراجة نارية مسلمة له من مصالح العمالة ودون أن يصرفوا له حصته من البنزين، إلا في بعض الاستثناءات القليلة، ليكون مضطرا أن يشتري البنزين من ماله الخاص لقضاء الأغراض الإدارية وما طلب منه.

ولا ننسى أن الدور الكبير الذي يلعبه أعوان السلطة خاصة في الظروف الصعبة كالكوارث الطبيعية، وكمثال، زلزال الحسيمة والحوز وجائحة كورونا والإحصاء العام للسكان والسكنى التي ابان فيها عون السلطة عن روح وطنية عالية ومهنية كبيرة في التعامل مع الاوضاع الطارئة ، وكذلك حضوره القوي في الاستحقاقات الوطنية، كالانتخابات الجماعية والبرلمانية والمهنية ولا يفوتني التذكير بحريق سوق المسيرة بتراب مقاطعة مولاي رشيد وحريق قيسارية شطيبة بتراب مقاطعة سيدي عثمان وسرقة مضخات حديقة المختار السوسي”شطيبة”.

وكل هذه المهام يقوم بها عون السلطة بواسطة تعليمات شفوية من طرف رؤسائه، رغم أنهم يعلمون أن بعض المهام ليست من اختصاص الأعوان بل من اختصاص ادارات أخرى، مستغلين في ذلك الفراغ القانوني الذي يعاني منه هذا الجهاز المهم في بلدنا، وفي بعض الأحيان يجد نفسه مكلفا بقضاء أغراض خاصة، خارجة عن نطاق العمل وقد يؤمر بشراء معدات أو أجهزة للإدارة أو تمويل بعض عمال الإنعاش مثلا بالأكل والشرب أو شراء الصباغة وجلب عمال خاصين، خاصة في فترة الانتخابات، حيث يقوم الأعوان بكل الاشغال الخاصة بتجهيز مكاتب التصويت وكل هذا من مالهم الخاص، الذي لا يكفي في الأغلب  الأحيان حتى مصاريف أسرته الصغيرة.

ويبقى صديقنا عون السلطة، لا حول ولا قوة له حيث يقوم بتنفيذ جميع الأوامر والتعليمات خوفا من غضب بعض المسؤولين واتهامه بعدم الجدية في تأدية مهامه وفقدانه لروح التعاون مع الادارة وقد يجد نفسه معروضا على أنظار المجلس التأديبي الذي يمكن ان يفصله عن العمل أو توقيفه لمدة قد تصل إلى ثلاث أشهر بدون أجرة أو توبيخ …

وعندما يصل صديقنا عون السلطة الى مقدم حضري بعد عشرة سنوات من العمل الجاد وبدون أي ملاحظة أو استفسار اداري،  يصبح له الحق أن يترقى لمنصب شيخ حضري وبما أن هذه الترقية لا تنبني على معايير موضوعية كالكفاءة العملية والأقدمية والجدية أو المستوى الثقافي والتعليمي، بل تبقى حسب مزاجية رجال السلطة، وقد يكون عامل نسبة الثقة والقرب من القائد محددان لنيل هذا المنصب.

والغريب أن عند صديقنا عون السلطة هو حينما يترقى إلى منصب شيخ حضري فتصبح هي آخر ترقية له في مساره المهني رغم الكفاءة في العمل ورغم الشواهد العليا المتحصل عليها كالإجازة والماستر وغيرها لأنه يصطدم بمشكلة واهية وهو عامل السن، لأن عون السلطة لا يجب أن يتجاوز سن الأربعين لكي يسمح له بالترشح لمنصب خليفة قائد، رغم أنها ترقية وليست توظيفا جديدا عكس الموظفين الأخرين للدولة، حيث يسمح لهم بالترشح لهذا المنصب حتى لو بلغوا من الكبر عتيا شريطة توفرهم على السلم 8  المحصل عليه في وقت وجيز بعدما حذفت السلاليم الدنيا.

والمشكلة الكبرى هي عندما يصل صديقنا عون السلطة الى سن التقاعد يجد نفسه أمام تعويض بئيس عن التقاعد يتراوح بين 1000  درهم و 1500 درهم على أبعد تقدير والذي لن يكفيه حتى لشراء الأدوية لأنه في الغالب ما يصل الى  التقاعد بنفسية محطمة وصحة متدهورة، وهنا أسأل نفسي دائما بهذا التقاعد كيف سيغطي صديقنا تكاليف العيش اليومية خصوصا مع ارتفاع كلفة العيشة في بلدنا؟

وهنا أتذكر و أدعو الله أن يفرج عن الإطار القانوني المنظم لفئة أعوان السلطة الذي وعد به السيد المحترم معالي وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت بمجلس النواب بعد جائحة كورونا و ادراج جميع الزيادات و التعويضات في الراتب الأساسي من أجل الاستفادة منها في معاشهم بعد وصولهم الى سن التقاعد.

وجهة نظري هذه بنيت من خلال التتبع على أرض الواقع والهدف منها تسليط الضوء على ظهور علامات القلق والغضب على وجه شريحة مهمة من أعوان السلطة بعد نشر خبر الزيادة الأخيرة لجهاز السلطة المحلية؛ في نظري لم تكن تلك الزيادة منصفة لأعوان السلطة،1000 درهم مقسمة على سنتين، بالمقارنة من الزيادات الاخرى لرجال السلطة وهنا أؤكد و بإيمان كبير أن جهاز السلطة من ألفه إلى يائه يستحق أكثر، لأنه يضحى بوطنية كبيرة ومهنية جادة وهادفة وكمثال على ذلك بقاء السيد عامل عمالة مقاطعات مولاي رشيد و جميع مكونات السلطة المحلية حتى الثالثة صباحا أثناء نشوب حريق سوق المسيرة، وفي النفس اليوم كان الكل حاضرا في مكتبه ابتداء من الساعة الثامنة ونصف صباحا.

 

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد